وثائقي “Gaza: Doctors Under Attack”
- Menadocs

- 13 أكتوبر
- 2 دقيقة قراءة
وثائقي “Gaza: Doctors Under Attack”

في صيف عام 2025، تفجّر جدل واسع في الأوساط الإعلامية حول عرض الفيلم الوثائقي "غزة: أطباء تحت الهجوم"، الذي أُنتج في الأصل لصالح هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، قبل أن تتراجع عن بثّه بحجة الحفاظ على "الحياد" التحريري، لتتولّى قناة Channel 4 لاحقاً مهمة عرضه.
الفيلم من إنتاج شركة بيسمنت فيلمز وإخراج كريم شاه، ويتناول مزاعم خطيرة تتعلق بقيام قوات الاحتلال الإسرائيلي باستهداف العاملين في القطاع الصحي داخل قطاع غزة أثناء الحرب المستمرة، بمن فيهم الأطباء والممرضون والمسعفون. ويقدّم الوثائقي أدلة وشهادات صادمة توثّق الهجمات التي طالت المستشفيات ومراكز الإسعاف ومرافق الرعاية.
كانت BBC قد خططت لبثّ الفيلم في فبراير 2025، غير أنها أجّلت عرضه بعد مراجعة داخلية بدعوى الحاجة إلى مزيد من "التحقق من التوازن والمصداقية". القرار أثار موجة استياء داخل المؤسسة الإعلامية نفسها وبين الصحفيين الذين رأوا فيه خضوعاً لضغوط سياسية ومؤسساتية. وفي منتصف العام نفسه، أعلنت BBC تخليها عن الفيلم لصالح منتجيه، مما أتاح لقناة Channel 4 بثّه في يوليو 2025، إلى جانب طرحه عالمياً عبر منصة "زيتو".
يركّز العمل على نمط ممنهج من الهجمات التي طالت المرافق الطبية في غزة، عبر عرض تسلسلٍ يوثّق كيف تُحاصر المستشفيات تدريجياً ثم تُقصف، فيتحوّل الأطباء من منقذين إلى ضحايا. كما يعتمد الوثائقي على منهج تحقيقي أشبه بالتقصّي الجنائي، يضمّ تحليلًا قانونيًا وشهادات من كوادر طبية لتبيان ما إذا كانت هذه الأفعال تشكّل خرقاً للقانون الدولي الإنساني.
يتوقف الفيلم كذلك عند التحدي الأخلاقي والإعلامي في تغطية الحروب، متسائلاً عن حدود الحياد في مواجهة الجرائم الموثّقة، وعن دور المؤسسات الإعلامية الكبرى في إيصال الحقيقة حين يصبح "التحفّظ" ذريعةً للصمت. ويبرز السؤال الجوهري الذي يطرحه العمل: إلى أي مدى يمكن حماية الطواقم الطبية في النزاعات المسلحة حين تصبح المستشفيات نفسها ساحة قتال؟
عند عرضه على Channel 4، تلقّى الفيلم إشادات واسعة، ووصفته صحيفة "الغارديان" بأنه عمل "ضروري وصادم" يكشف ما يجري في الظل. لكن في المقابل، وُجّهت إليه انتقادات من بعض الجهات التي رأت أن بعض شهاداته تحتاج لمزيد من التدقيق، بينما اعتبره آخرون أداةً لإعادة الاعتبار للضحايا المغيّبين عن المشهد الإعلامي العالمي.
في النهاية، يبقى "غزة: أطباء تحت الهجوم" مثالاً صارخاً على أن المعركة لا تدور فقط في الميدان، بل أيضاً في غرف التحرير وأروقة المؤسسات الإعلامية. فحين يُحاكَم الإعلام على جرأته، يصبح قرار البثّ جزءاً من الصراع نفسه، ويغدو توثيق الحقيقة فعلاً من أفعال المقاومة.




تعليقات