ديزني أنفقت 220 مليون دولار على مسلسل "دكتور هو"... ثم انسحبت

يثير انسحاب ديزني المفاجئ من إنتاج مسلسل الخيال العلمي البريطاني الشهير Doctor Who تساؤلات حول مستقبل العمل عالميًا، وحول التغيّر الملحوظ في استراتيجية الشركة العملاقة فيما يخص الإنتاجات الباهظة والرهانات الكبرى في عالم البث الرقمي.

بعد شراكة لم تدم سوى موسمين فقط، أعلنت كل من Disney+ وهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) عن إنهاء التعاون بينهما بشأن بث المسلسل على المستوى الدولي. وأكدت ديزني هذا الأسبوع أنها لن تواصل المشاركة في إنتاج أو توزيع الحلقات المقبلة، في حين طمأنت الـBBC الجمهور بأن "تايم لورد" لن يختفي، وأن المغامرات ستستمر داخل المؤسسة البريطانية.

ومن المقرر أن يُعرض عرض خاص بمناسبة عيد الميلاد في عام 2026 بإشراف الكاتب والمنتج المخضرم راسل تي ديفيز، الذي أعاد إطلاق السلسلة بنجاح في منتصف الألفية الماضية. إلا أن التعاون الذي رُوّج له عام 2023 بوصفه خطوة لتحويل المسلسل إلى ظاهرة عالمية، تلاشى بهدوء بعد عامين فقط.

ووفقًا لتقرير موقع Deadline، فإن الخطة التي كانت تهدف إلى “تحويل Doctor Who إلى عالم سينمائي مشابه لعالم مارفل” لم تؤتِ ثمارها. فقد كانت ديزني تُنفق ما بين 6 و8 ملايين جنيه إسترليني لكل حلقة، أي ما يعادل نحو 10.5 ملايين دولار، لتصل قيمة الصفقة الإجمالية إلى نحو 168 مليون جنيه إسترليني (220 مليون دولار).

يُعد هذا رقمًا ضخمًا لمسلسل لم يتمكن خلال موسميه الأخيرين من دخول قائمة Nielsen لأكثر 10 أعمال مشاهدة على المنصات الرقمية، بحسب ما ذكرته مجلة The Hollywood Reporter. فبرغم التقييمات الجيدة، لم ينجح Doctor Who في تحقيق انتشار واسع خارج قاعدته الجماهيرية التقليدية.

ومع أن المسلسلات ذات الطابع الخيالي عادةً ما تكون مرتفعة التكاليف، فإن شركات البث أصبحت أكثر حذرًا في تمويل الإنتاجات الضخمة التي لا تضمن مردودًا مضمونًا. وتشير مصادر Deadline إلى أن ديزني لم تُبدِ حماسة كبيرة منذ بداية التعاون، حيث كانت تتعامل مع المشروع بحذر وسط ضغوط لخفض الإنفاق بعد سنوات من التوسع غير المنضبط في سوق المحتوى الأصلي.

من جانبها، أكدت ليندسي سولت، مديرة قسم الدراما في هيئة الإذاعة البريطانية، أن الـBBC تظل "ملتزمة بالكامل بمسلسل Doctor Who، أحد أكثر أعمالنا شعبية ومحبة لدى الجمهور". وأضافت:

"نحن سعداء بعودة الكاتب راسل تي ديفيز لكتابة حلقة خاصة مبهرة لعام 2026، ونؤكد لمعجبينا أن الدكتور لن يذهب إلى أي مكان. سنعلن قريبًا عن خطط الموسم القادم، لضمان بقاء الـTARDIS في قلب BBC".

ورغم أن المسلسل يمتلك إرثًا يمتد لأكثر من 60 عامًا، ويُعد من العلامات المميزة للدراما البريطانية، فإن هذا التاريخ لم يكن كافيًا لتوسيع نطاق جماهيريته عالميًا، خاصة في السوق الأمريكية التي كانت ديزني تراهن عليها لجعل العمل ظاهرة عالمية.

يرى بعض النقاد أن فشل الشراكة يعكس تحولًا في أولويات ديزني التي تسعى اليوم إلى تقليص التكاليف والتركيز على العلامات التجارية ذات العائد التجاري الأكبر مثل Marvel وStar Wars. بينما يعتبر آخرون أن Doctor Who، رغم قوته الرمزية وتاريخه الطويل، لم يعد يملك الزخم الكافي للمنافسة في سوق متخمة بالمحتوى والخيال العلمي الفائق الميزانية.

وبينما تستعد BBC لإطلاق الحلقة الخاصة في نهاية العام المقبل، يبقى السؤال الأهم: هل يستطيع "الدكتور" أن يجد طريقه إلى مستقبل جديد بدون ديزني؟