الوثائقيات تتقدّم إلى الواجهة: موسم المهرجانات العربية يسلّط الضوء على السينما غير الروائية
- Menadocs

- 12 نوفمبر
- 3 دقيقة قراءة

مصدر الصورة: أربيك نيوز
الوثائقيات تتقدّم إلى الواجهة: موسم المهرجانات العربية يسلّط الضوء على السينما غير الروائية
القاهرة – الدوحة – جدة: خريطة متنوّعة تشهد ازدهار الفيلم الوثائقي في العالم العربي
في أسبوعٍ تتجه فيه أنظار عشّاق السينما إلى القاهرة، ومع اقتراب موعد مهرجاني الدوحة والبحر الأحمر، يبدو أنّ الأفلام الوثائقية باتت تحجز موقعها المتقدّم ضمن المشهد السينمائي العربي، مستفيدةً من تحوّلٍ ملحوظ في الذائقة الجماهيرية والسياسات الثقافية للمهرجانات.
مهرجان القاهرة الدولي: حضور متزايد للأصوات الجديدة
الوثائقيات تتقدّم إلى الواجهة: افتتح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي نسخته الرابعة والأربعين في 12 نوفمبر الجاري، وسط أجواء احتفالية جمعت بين الحنين إلى تاريخ السينما المصرية والطموح إلى مستقبلٍ يرسّخ مكانة المهرجان كأحد أعرق المنابر السينمائية في المنطقة.ورغم أنّ المهرجان لا يخصّص قسماً ثابتاً للأفلام الوثائقية، فإن لجنة الاختيار ضمّت هذا العام خمسة أفلام ذات طابع وثائقي من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن المسابقة الدولية، ما يشير إلى توجّهٍ واعٍ نحو توسيع مفهوم السينما الروائية ليشمل التجريب والواقع المعاش.
من بين هذه الأعمال فيلم «ظلّ الذاكرة» للمخرجة التونسية ليلى بن عبد الله، الذي يتناول علاقة الذاكرة الفردية بالمكان في الجنوب التونسي، وفيلم «البحث عن الصوت» للمخرج المغربي إدريس الكتاني، وهو رحلة بصرية عبر موسيقى الشارع في الدار البيضاء. النقاد وصفوا هذه الأعمال بأنها «جسرٌ بين الوثيقة والخيال»، حيث تُستخدم عناصر السرد الروائي لتجسيد الواقع بعمقٍ فني جديد.
مهرجان الدوحة السينمائي: منصة للتجريب والتوثيق
أما في الدوحة، فقد أعلنت مؤسسة الدوحة للأفلام عن انطلاق الدورة الجديدة من مهرجانها في الفترة من 20 إلى 28 نوفمبر. ورغم أن البرنامج الرئيسي يركّز على المسابقة الدولية للأفلام الروائية، فإن المهرجان يواصل دعمه للأفلام الوثائقية من خلال ورش العمل وجلسات النقاش تحت مظلة برنامج «قصة من الواقع»، الذي يجمع بين المخرجين الشباب وصُنّاع أفلام وثائقية من مختلف أنحاء العالم.
تقول فاطمة الرميحي، الرئيسة التنفيذية للمؤسسة، في تصريحٍ صحفي:
«الوثائقيات اليوم لم تعد مجرد توثيقٍ للحدث، بل أصبحت فناً قائماً على الرؤية الشخصية، ومجالاً لابتكار الأسلوب واللغة البصرية.»
وتتضمّن فعاليات هذا العام عرض الفيلم القطري «من الرمل والماء» للمخرجة مريم النعيمي، الذي يوثّق تحوّلات الساحل القطري من منظور بيئي وإنساني في آنٍ واحد، وقد وُصف الفيلم بأنه أحد أكثر المشاريع المحلية نضجاً على مستوى الصورة والبحث الميداني.
مهرجان البحر الأحمر في جدة: وثائقيات تتحدّى المألوف
وفي مدينة جدة التاريخية، يستعد مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي لإطلاق نسخته الرابعة في ديسمبر المقبل، معلناً عن برنامج متنوّع يجمع بين الأفلام التجارية والتجريبية، من ضمنها عدد من الأفلام الوثائقية التي تتناول قضايا الهوية والمكان في الشرق الأوسط.
من بين العروض المنتظرة فيلم «الموجة الأخيرة» للمخرج السعودي راكان المفلح، الذي يوثّق حياة صيّادي البحر الأحمر وتحوّلاتهم بعد التوسع العمراني في المنطقة الساحلية. هذا العمل يندرج ضمن ما يُعرف بالـ"دوكيودراما" (الدراما الوثائقية)، حيث تُستخدم أدوات السرد الدرامي لإبراز تفاصيل الواقع المحلي.
كما يقدّم المهرجان برنامجاً خاصاً بعنوان «رؤى من الواقع» يضم مجموعة من الأفلام القصيرة المنتجة في إطار منح صندوق البحر الأحمر لدعم المشاريع الوثائقية الشابة، ما يعكس اتجاهاً مؤسسياً واضحاً نحو احتضان السينما غير الروائية.
ملامح مشهدٍ جديد في السينما العربية
يبدو أن العام 2025 يشهد تحوّلاً جوهرياً في مكانة الفيلم الوثائقي داخل الفضاء السينمائي العربي. فبعد أن كان يُنظر إليه كفنٍ «نخبوي» أو «تلفزيوني»، صار اليوم يُقدَّم على الشاشات الكبرى ويُتنافس عليه في المهرجانات الدولية.ويرى النقاد أنّ هذا التوجّه يعكس وعياً متزايداً بأهمية السرد الواقعي في توثيق التحوّلات الاجتماعية والسياسية التي تمرّ بها المنطقة. كما أنّه يفتح الباب أمام تجارب إخراجية جديدة، خصوصاً من النساء والشباب الذين يجدون في الوثائقي وسيلة للتعبير الصادق بعيداً عن قيود الإنتاج التجاري.
يقول الناقد السينمائي اللبناني جورج خوري:
«المهرجانات العربية باتت تدرك أن الفيلم الوثائقي هو مرآة التحوّلات، وأن الجمهور المعاصر يبحث عن الصدق أكثر من الإبهار.»




تعليقات