الفيلم الوثائقي تذكرنا يا سودان يعيد أصوات الشباب السوداني إلى الواجهة
- Menadocs

- 14 نوفمبر
- 3 دقيقة قراءة

الفيلم الوثائقي تذكرنا يا سودان يعيد أصوات الشباب السوداني إلى الواجهة
في زمنٍ تتكدّس فيه العناوين الكبرى حول النزاعات العالمية، يطلّ فيلم وثائقي بعنوان «Sudan, Remember Us» ليعيد إلى الأذهان مأساة السودان التي طمستها العواصف السياسية والإعلامية.ففي جامعة نورثوسترن الأميركية، نظّمت مجلة BlackBoard بالتعاون مع جمعية طلبة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) عرضاً خاصاً للفيلم مساء الأربعاء الماضي، بحضور نحو مئة طالب وأكاديمي، في فعالية جمعت بين الفن والسياسة والتاريخ الإنساني.
🔸 السودان في عيون جيلٍ لا يُنسى
الفيلم الوثائقي تذكرنا يا سودان يعيد أصوات الشباب السوداني إلى الواجهة :الفيلم من إخراج الصحفية والسينمائية هند مدبّب (Hind Meddeb)، التي اشتهرت بأعمالها المتوغلة في نبض الثورات العربية.يتتبّع العمل رحلة أربعة من الناشطين الشباب — شجاعان سليمان، مها الفكي، أحمد مزاميل، وخطاب أحمد — الذين شكّلوا جزءاً من الحركة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير عام 2019، قبل أن تعود البلاد إلى دوامة انقلابٍ عسكري جديد في عام 2021.
منذ المشاهد الأولى، يدخل الفيلم جمهوره إلى قلب الاعتصام التاريخي في الخرطوم، حيث يحتشد الشباب مردّدين الأناشيد الثورية، يرسمون الجداريات على الجدران، ويحوّلون ساحة الاحتجاج إلى لوحة حيّة من الفن والمقاومة.بين الإيقاع الموسيقي والحوار الشعبي، يتشكّل خطاب بصريّ يذكّرنا بأن الثورة في السودان لم تكن فقط سياسية، بل ثقافية وإنسانية أيضاً.
🔸 «مساحة للتعلّم والتضامن»
قالت مريم كوزموس، الطالبة في كلية "مديل" ومديرة الإبداع في مجلة BlackBoard، إن الفعالية جاءت لإبراز بلدٍ «غائب إلى حدٍّ كبير عن التغطية الدولية». وأضافت:
«أردنا أن نخلق مساحة يمكن للناس فيها أن يتعلّموا أكثر عن الحرب الأهلية في السودان، وأن يدركوا أن التضامن لا يبدأ إلا بالمعرفة.»
وأكدت كوزموس أن الرسالة الأساسية للفيلم هي إبراز مرونة الشعب السوداني وصموده في وجه العنف والانقسام.وأشارت إلى أن متابعة الفيلم بعد محاضرة ألقاها الأستاذ كيم سيرسي من جامعة لويولا شيكاغو حول تاريخ السودان منذ القرن التاسع عشر، ساعدت الطلاب على فهم أعمق لجذور الأزمة التي لا تزال تتجدّد حتى اليوم.
🔸 الفن بوصفه لغة الثورة
يتميّز الفيلم بأسلوبه الذي يمزج بين التوثيق السياسي والتعبير الفني. فبدلاً من مشاهد الدم والدمار، تختار مدبّب أن تُظهر الاحتجاج كفعلٍ جماليٍّ وشعريّ.أحد المشاهد المؤثرة يصوّر مجموعة من الشباب يغنّون ويكتبون على الجدران: «سوداننا فوق.. ما بننحني»، في إشارة إلى أن المقاومة ليست فقط بالبندقية، بل أيضاً بالكلمة والصورة والأغنية.
الطالبة أدوناي ييدنيكاشو قالت إنها بكت مرتين أثناء المشاهدة:
«في المرة الأولى تأثرت بالشعر الذي قُدّم في الفيلم، وفي الثانية أدركت أن ما أراه ليس تاريخاً بعيداً بل واقعاً يعيشه أناس مثلي تماماً.»
أما الطالبة أنيا ويرابانا فأشارت إلى أن حضورها العرض كان فرصة للتعرّف على قصة السودان من منظورٍ إنساني:
«أحبّ الأفلام الوثائقية، ولدي صديقة سودانية. شعرت بأن مشاهدة الفيلم كانت وسيلة لأفهم ما تعانيه أسرتها ووطنها.»
🔸 السودان: من النسيان إلى الذاكرة
يرى منظمو العرض أن «Sudan, Remember Us» ليس مجرد وثائقي عن بلدٍ منكوب، بل رسالة إلى العالم بألا ينسى السودان.فقد أُطلق على الحرب السودانية في وسائل الإعلام الغربية لقب «الحرب المنسية»، وهو ما علّقت عليه كوزموس بقولها:
«بالنسبة لنا نحن أبناء الشتات الذين أُجبرنا على مغادرة بلادنا، لا يمكن أن تُسمّى هذه الحرب منسية. إنها تسكننا كل يوم.»
وتؤكد أن مجلة BlackBoard ستواصل تنظيم عروضٍ لأفلام تُبرز الأصوات الإفريقية والعربية المنخرطة في نضالات التحرّر والعدالة حول العالم، ضمن ما تصفه بأنه «سلسلة للتضامن الثقافي عبر الفن».
🔸 الفنّ كجسرٍ للذاكرة
ما يقدّمه هذا الوثائقي يتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية. فهو يذكّر بأن الشباب السوداني، رغم ما مرّ به من خيبات، ما زال يحمل شعلة الحلم بوطنٍ حرّ وديمقراطي.وفي عالمٍ سريع النسيان، تصبح الأفلام الوثائقية مثل «Sudan, Remember Us» سجلاً حيّاً لذاكرةٍ جماعية، تحفظ ما قد يُمحى من أرشيف السياسة أو الإعلام.
في نهاية العرض، وقف الحضور مصفقين طويلاً. ربما لأنهم شعروا للحظةٍ أن السودان — ذاك البلد البعيد الذي يتناقل أخباره العنف والنزوح — أصبح قريباً، بشعره وغنائه ودموعه وأحلامه.
هل ترغب أن أضيف في نهاية المقال فقرة تحليل نقدي قصيرة عن أسلوب الإخراج والرسالة البصرية للفيلم، كما يُنشر عادة في مجلات السينما المتخصصة؟




تعليقات