top of page

الشرق الأوسط بلا صوت في أفلام هيئة الإذاعة البريطانية

  • صورة الكاتب: Menadocs
    Menadocs
  • 18 نوفمبر
  • 3 دقيقة قراءة

كيف تُقصي الـ بي.بي.سي أصواتاً وثائقية من الشرق الأوسط

الشرق الأوسط بلا صوت في أفلام هيئة الإذاعة البريطانية

كيف تقصي الـ بي .بي.سي أصواتاً وثائقية من الشرق الأوسط منذ عقودٍ، لعبت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) دورًا محوريًا في إنتاج وبثّ الأفلام الوثائقية التي تُعنى بقضايا السياسة والثقافة والمجتمع في العالم، وغالبًا ما مثّلت مرجعًا للموضوعية والمهنية الإعلامية. غير أنّ تحقيقًا حديثًا نشره موقع Documentary.org أثار جدلاً واسعًا حول ممارسات التحرير داخل المؤسسة، مسلّطًا الضوء على اتهاماتٍ بـ«تهميش أصوات صُنّاع الوثائقيات من الشرق الأوسط»، وتقييد سردهم للواقع بما يتناسب مع ما تسميه الهيئة بـ«هوية العلامة التحريرية» للـ BBC.


التحقيق: الشرق الأوسط بلا صوت في أفلام هيئة الإذاعة البريطانية

بحسب التقرير، تحدّث عدد من صُنّاع الوثائقيات والمحرّرين المستقلّين الذين تعاونوا مع BBC خلال السنوات الماضية عن تجربةٍ وصفت بأنها «مُحبِطة ومحدودة».فبينما يَسمح النظام التحريري داخل BBC بمساحة للنقاش، فإن القرارات النهائية — لا سيّما في المواضيع المتعلّقة بالشرق الأوسط — تُتّخذ بناءً على تصوّراتٍ مسبقة حول ما يناسب «صورة العلامة التجارية» للقناة، وليس بالضرورة بناءً على دقّة أو عمق السرد المقدّم.

أحد المخرجين اللبنانيين الذين تحدّثوا للموقع (لم يُذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية) قال:

«يُطلَب منك أن تكون صادقًا، لكن ليس صادقًا أكثر من اللازم. إذا حاولت أن تُظهر زوايا لا تتناسب مع السرد الغربي المعتاد، تُستبعد المقاطع أو يُعاد تحريرها بالكامل.»

ويؤكد التقرير أن هذه الممارسات لا تنحصر في الأفلام السياسية أو الحربية، بل تمتدّ إلى موضوعات ثقافية واجتماعية تُقدَّم من منظور عربي أو فلسطيني أو سوري أو لبناني، إذ غالبًا ما تُفرَغ من سياقها المحلي لصالح «نغمةٍ سرديةٍ» أقرب إلى المتلقي الغربي.


تحرير يُخفي ما لا يتناسب مع السرد: كيف تُقصي الـ BBC أصواتاً وثائقية من الشرق الأوسط

الشرق الأوسط بلا صوت في أفلام هيئة الإذاعة البريطانية يصف التحقيق حالات عدّة أُجريت فيها تعديلات جذرية على أفلام وثائقية خلال مرحلة المونتاج في لندن.إحدى المخرجات الفلسطينيّات قالت إن فيلمها الذي تناول تجارب نساء في الضفة الغربية خضع لإعادة تحرير كاملة «لتخفيف النبرة السياسية»، رغم أن الفيلم لم يتضمّن أي تحريض أو مشاهد عنف.وفي مثال آخر، أُزيلت شهادات ناشطين سوريين عن قصف مناطق مدنية لأنّ «المحتوى قد يُعدّ مثيرًا للجدل من منظور بعض الجهات السياسية»، وفق ما أُبلغ به الفريق.

ويرى بعض النقّاد أن هذه السياسة تُنتج في النهاية «نصًّا مُعاد كتابته» للواقع، يُظهر الشرق الأوسط عبر عدسةٍ مفلترة تكرّس الأنماط السائدة بدلاً من تفكيكها.يقول أحد المحرّرين البريطانيين الذين شاركوا في إعداد التقرير:

«الـ BBC تخشى أن تُتَّهم بالتحيّز، لكنها بذلك تمارس نوعًا آخر من التحيّز: تحيّز الصمت.»

العلامة التحريرية أهم من الحقيقة

يشير التحقيق إلى أن إدارة BBC ترى في وحداتها الوثائقية جزءًا من «هوية مؤسسية» يجب الحفاظ عليها أمام الجمهور العالمي، ما يجعلها أكثر حساسية تجاه المواضيع المثيرة للجدل سياسيًا.وهذا المنهج، وفقاً للمصادر، أدّى إلى أن تصبح «الموضوعية» أداةً لتبرير الإقصاء.فبدلاً من دعم التنوع السردي، يتمّ تهميش الرؤى التي لا تتوافق مع الخط التحريري العام الذي يُجنّب الاصطدام مع الحكومات الغربية أو اللوبيات الإعلامية الكبرى.

ويضيف التقرير أنّ هناك ما يُعرف داخل أروقة الهيئة بمصطلح “BBC Brand Tone” — أي «نغمة العلامة التحريرية» — وهي مجموعة من القواعد غير المكتوبة التي تحدّد حدود السرد واللغة والموقف في المحتوى الوثائقي.هذه الحدود، رغم كونها مصمَّمة لضمان الاتساق، تتحوّل في بعض الأحيان إلى سقفٍ يقمع الأصوات المستقلّة.


ردّ الـ BBC

في المقابل، نقل التقرير عن متحدث رسمي باسم BBC Studios قوله إن المؤسسة «تفخر بسجلّها في التعاون مع صُنّاع أفلام من جميع أنحاء العالم»، وإنّها «تلتزم بأعلى المعايير التحريرية لضمان الدقّة والتوازن».غير أنّ البيان لم يتطرّق إلى التفاصيل المحددة التي أثارها المخرجون الشرق أوسطيون، مكتفيًا بالتأكيد على أن أي تعديل يتمّ «بهدف الحفاظ على الجودة الصحفية، لا لتغيير المعنى».

لكنّ منتقدين يرون أن هذه اللغة الدبلوماسية لا تُغيّر من واقع الممارسة اليومية التي تفرض «هيمنة خفية» على السرد، خاصةً في مواضيع تتصل بالصراع الفلسطيني، أو الحرب في سوريا واليمن، أو حتى التحوّلات الاجتماعية في الخليج.

أثر هذا التهميش على صناعة الوثائقي في المنطقة

إنّ تراجع ثقة المخرجين المستقلين في المنصّات الغربية الكبرى قد يدفع المزيد منهم إلى البحث عن بدائل في المنطقة نفسها:

  • شبكات تمويل محلية أو عربية (مثل معهد الدوحة للأفلام، الصندوق العربي للثقافة والفنون).

  • منصات بثّ رقمية عربية جديدة تُتيح حرية أكبر في السرد.

  • تحالفات إنتاج مستقلة مع مؤسسات أوروبية صغيرة خارج دوائر الإعلام التقليدية.

في المقابل، يواجه هؤلاء تحديات تتعلق بالوصول إلى جمهور واسع وتوزيع أفلامهم عالميًا، إذ لا تزال المنصّات الكبرى — مثل BBC و Netflix و PBS — هي البوابات الأساسية إلى الأسواق الدولية.


خاتمة

ما يكشفه هذا التحقيق لا يتعلّق بمؤسسة واحدة فقط، بل بثقافة إعلامية كاملة تُفضّل الشكل المألوف على الحقيقة المتعددة الأوجه.إنّ إقصاء الأصوات الوثائقية من الشرق الأوسط — سواء كان مقصودًا أو نتيجةً لسياسات بيروقراطية — يعني خسارة رواياتٍ مهمّة تُضيء جوانب من الواقع لا يمكن أن تُروى إلا من أبنائه.في عالمٍ تتزايد فيه الحروب والمعلومات المضلّلة، يصبح السرد الوثائقي الحرّ ضرورةً أخلاقية قبل أن يكون مسألة فنية.

تعليقات

تم التقييم بـ 0 من أصل 5 نجوم.
لا توجد تقييمات حتى الآن

إضافة تقييم
bottom of page