مخرج نيجيري، أصبح أول أفريقي يفوز بجائزة إيمي (Emmy) في فئة الإخراج لفيلم وثائقي.
- Menadocs

- 27 أكتوبر
- 2 دقيقة قراءة

جو كاتشي بنسون اسم صاعد في صناعة الوثائقي الأفريقي، وقد لفت الأنظار عالمياً هذا العام بعد إنجازه التاريخي مع فيلمه «Madu». يتتبع الفيلم رحلة الراقص النيجيري الصغير أنطوني مادو، الذي انتشر مقطع له وهو يرقص حافي القدمين تحت المطر، لينتقل من حي متواضع في لاغوس إلى منحة دراسية في واحدة من أعرق مدارس الباليه في بريطانيا. يقدم بنسون ومشاركُه في الإخراج ماثيو أوجنز حكاية حساسة عن الموهبة حين تجد طريقها وسط الظروف الصعبة، وعن الصدمة الثقافية التي يعيشها طفل بين عالمين.
حقق «Madu» انتصاراً بارزاً في حفل جوائز الأخبار والوثائقي في إيمي لعام 2025، حيث حصد جائزة «الفنون والثقافة». وقد احتفى الإعلام النيجيري والعالمي باللحظة بوصفها سابقة لصانع أفلام من نيجيريا وأفريقيا على حد سواء. وأشارت تقارير عديدة إلى أن بنسون أصبح أول نيجيري، بل وأول أفريقي، يُتوَّج في جوائز إيمي عن فيلم وثائقي بوصفه مخرجاً للعمل الحائز. وتجدر الإشارة إلى أن الجائزة المُعلنة رسمياً كانت في فئة «العمل الوثائقي: الفنون والثقافة» عن الفيلم نفسه، وهو ما يرسّخ مكانة بنسون كمخرج فائز بإيمي حتى وإن اختلف توصيف الفئة بين «جائزة للبرنامج» و«جائزة للإخراج» في التغطيات الصحفية.
أهمية هذا الفوز تتجاوز البعد الرمزي، إذ يضع الوثائقيات الأفريقية في صدارة المشهد العالمي، ويؤكد أن القصص المحلية حين تُروى بصدق وبراعة قادرة على عبور الحدود. كما يلفت الانتباه إلى الدور المتنامي للمنصات العالمية التي تمنح هذه الأعمال انتشاراً واسعاً وتضعها في سباق الجوائز الكبرى، بما يفتح أبواب تمويل وتوزيع وفرص مهرجانية لمخرجين شباب في القارة.
قبل «Madu»، عُرف بنسون بتجريب أشكال سردية مبتكرة، خصوصاً في تقنيات الواقع الافتراضي. فقد قدّم عملاً لافتاً عن فتيات شيبوك حصد تكريماً مهماً في فينيسيا عام 2019، ما رسّخ صورته كمخرج يوازن بين الحس الإنساني والتجريب التقني. هذا المسار مهّد لفلسفته في «Madu»: الاقتراب من الشخصية بعينٍ حميمة، وتطويع الوسائط الحديثة لخدمة القصة لا لاستعراضها.
على مستوى اللغة البصرية، يشتغل بنسون على التفاصيل اليومية التي تصنع الفارق: خطوات التدريبات الأولى، دهشة الانتقال من لاغوس إلى قاعات الرقص الأوروبية، والحنين الذي يلازم بطله الطفل. يمزج بين إيقاع حيوي وصور حنونة، ويعتمد بناءً سردياً يدفع القصة إلى الأمام دون الوقوع في الاستسهال العاطفي، ما يمنح الفيلم طاقة إلهام حقيقية لا تُشعر المتلقي بأنه أمام «قصة نجاح» مصنوعة، بل تجربة إنسانية تنبض بالتعقيد.
انعكاسات الفوز بدأت تظهر سريعاً: تعاقدات تمثيل وتطوير مشاريع جديدة، واهتمام أوسع بمدارس الحكي الأفريقية التي تقدّم رؤيتها من الداخل. بالنسبة لبنسون، تبدو المرحلة المقبلة فرصة لتوسيع نطاق موضوعاته بين قصص الطفولة والهوية والانتقال، وبين أسئلة الانتماء والعدالة الثقافية، مع إبقاء التقنية في موقع «الخادم» لا «السيد».
بهذا المعنى، لا يمثّل إنجاز «Madu» محطة شخصية فحسب، بل خطوة إضافية في مسار طويل تسعى فيه السينما الوثائقية الأفريقية إلى تثبيت صوتها في السرد العالمي. وإذا كان اسم جوel كاتشي بنسون قد ارتبط اليوم بفوز تاريخي في إيمي، فإن الرهان الحقيقي يكمن في ما سيقدمه لاحقاً: أفلام تُشبه الناس الذين يصنعونها، وتفتح آفاقاً جديدة للوثائقي كفن حيّ قادر على التغيير.




تعليقات