top of page

هشام العسري

هشام  العسري

البدايات: من الأدب إلى السينما

وُلد هشام العسري في الدار البيضاء عام 1977، وبدأ مسيرته الأدبية ككاتب مسرحي وروائي قبل أن يتّجه إلى السينما. حمل معه من الأدب نَفَس التمرد والسخرية واللغة الصادمة، لينقلها إلى الشاشة كأداة لتعرية الواقع المغربي الاجتماعي والسياسي.
منذ بداياته، لم يبحث العسري عن “الإخراج الجميل” بل عن الصدق البصري، وعن التقاط المفارقات التي يعيشها الإنسان المغربي بين الحداثة والتقليد، بين الأمل والخذلان.



الواقعية العبثية: بصمة سينمائية خاصة

تتميّز أفلام هشام العسري بطابعها العبثي والشاعري في آنٍ واحد، فهي واقعية لكنها ليست توثيقية بالمعنى التقليدي.
الكاميرا عنده تتحرك بعصبية، الصورة غالبًا بالأسود والأبيض أو ألوان متقطعة، تعكس توتر المجتمع وقلقه الوجودي.
يتعامل مع الزمن كعنصر نفسي، لا خطي، ويستخدم المونتاج كأداة تفكيك وتعبير سياسي.

في مقابلاته، يصف العسري السينما بأنها “موقف أخلاقي قبل أن تكون جمالًا”، ويؤمن بأن المخرج لا يجب أن يقدّم حلولًا، بل أن يقلق المشاهد ويدفعه إلى التفكير.



بين الوثائقي والروائي

رغم أن معظم أفلامه تُصنّف كروائية، فإن أسلوبه قريب جدًا من الفيلم الوثائقي المعاصر: يعتمد على اللقطات الحية، الممثلين غير المحترفين، والبيئات الواقعية في الأحياء الشعبية أو الشوارع.
من بين أبرز أعماله:
• 🎞️ هم الكلاب (They Are the Dogs) – 2013
فيلم يلتقي فيه الوثائقي بالخيال، حيث تتبع الكاميرا رجلاً أُطلق سراحه من السجن بعد عقود، في رحلة عبثية داخل مغرب ما بعد “الربيع العربي”. الفيلم نال جوائز في مهرجان مراكش وكارلوفي فاري.
• 🎞️ ضربة في الرأس (Headbang Lullaby) – 2017
عمل ساخر سياسي الطابع، يصوّر المغرب في زمن الملك الحسن الثاني بأسلوب بصري حادّ وسوداوي.
• 🎞️ بلا مواطن (Without a Citizen) وبلا مخرج (Without Director)
ضمن سلسلة من الأفلام التي تنتقد البيروقراطية والهوية والانتماء، وتمزج الواقعي بالمتخيل.



الأسلوب والموقف

في أعماله، يُكثر العسري من استخدام اللقطات الطويلة والحوارات المتقطعة، ما يجعل المشاهد يعيش ارتباك الشخصيات نفسها.
كما يعتمد على صوت الشارع كعنصر سردي، مستفيدًا من الضجيج واللهجات والموسيقى العشوائية ليخلق فضاءً سمعيًا نابضًا بالحياة.
هو لا يصوّر الواقع المغربي، بل يُفكّكه ويعيد تركيبه كمرآة مشروخة تعكس وجوهنا المتعددة.



مكانته في السينما المغربية والعربية

يُعدّ هشام العسري من أبرز ممثلي الجيل الجديد من السينمائيين المغاربة الذين جمعوا بين الجرأة الفكرية والتجريب الفني، إلى جانب أسماء مثل فوزية بنسعيد ونرجس النجار.
أفلامه تُعرض بانتظام في مهرجانات كبرى مثل برلين وتورنتو ومراكش، ويُنظر إليه كصوت مستقل لا يخضع للرقابة أو الخطاب السائد.



رؤية تتجاوز الحدود

يقول هشام العسري:

“السينما ليست مرآة للمجتمع، بل مطرقة لكسر تلك المرآة.”

بهذه العبارة يمكن تلخيص فلسفته السينمائية: سينما تصدم لتوقظ، لا لتطمئن.
إنها سينما المهمّشين، الصامتين، أولئك الذين يعيشون على هامش المدن
والذاكرة.


bottom of page