top of page

مي المصري

مي المصري

تُعدّ مي المصري واحدة من أهم المخرجات الوثائقيات في العالم العربي، واسمًا محوريًا في تشكيل الوعي السينمائي الفلسطيني المعاصر. على مدى أكثر من أربعة عقود، استطاعت أن تنحت أسلوبًا بصريًا وأخلاقيًا متفرّدًا، مزجت فيه بين التوثيق النضالي والإنسانية العميقة، مقدّمة أفلامًا أصبحت مرجعًا في سرد الحكاية الفلسطينية من الداخل، بعيدًا عن الخطاب الإعلامي التقليدي.

وُلدت مي المصري في عمّان لأسرة فلسطينية، ودرست السينما في جامعة سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة، قبل أن تعود إلى المنطقة في بداية الثمانينيات وهي تحمل شغفًا بصناعة أفلام تُعيد الإنسان إلى مركز الحدث. شكّلت مع المخرج الراحل جان شمعون ثنائيًا إبداعيًا نادرًا، وقدّما معًا أعمالاً أصبحت جزءًا من الأرشيف البصري العربي الحديث.

تتميّز أفلام مي المصري بقدرتها الاستثنائية على الدخول إلى مساحات الألم دون استغلال، وعلى الاقتراب من الأطفال والنساء بخصوصية واحترام كبيرين، لتقدّم شهادات حية تتجاوز السياسة نحو جوهر التجربة الإنسانية. ركّزت في أعمالها على الذاكرة، الصمود، الطفولة تحت الاحتلال، والمنفى، مقدّمة شخصيات تنبض بالحياة رغم القسوة.

من أبرز أعمالها:
«أطفال شاتيلا» (1998)، أحد أشهر الوثائقيات العربية، وقدّم صورة غير مسبوقة لمعنى الطفولة الممزقة بين الحرب والفقر والأمل.
«أحلام المنفى» (2001)، الذي واصلت فيه رحلة تسجيل أثر المخيمات على وعي الأجيال الجديدة.
«33 يوم» (2007)، الذي وثّق حرب لبنان 2006 من منظور إنساني مقاوم.
كما قدّمت لاحقًا فيلمها الروائي الوثائقي «3000 ليلة» (2015)، الفائز بجوائز عالمية، والذي استند إلى قصة حقيقية لسيدة فلسطينية تلد طفلها في السجن، مؤكدة قدرتها على توسيع لغتها السينمائية من الوثائقي إلى الروائي دون فقدان هويتها.

مي المصري اليوم ليست مجرد مخرجة؛ إنها مدرسة في الأخلاقيات البصرية، ومرجع في كيفية تحويل التجربة الفلسطينية إلى سرد عالمي يجد صداه لدى الجمهور أينما كان. أفلامها تُدرّس في الجامعات، وتُعرض في المهرجانات الكبرى، وتُعتبر حجر أساس في بناء السينما الوثائقية العربية التي تحتفي بالإنسان أولاً.

bottom of page