top of page

جان شمعون

جان  شمعون

البدايات: من الجنوب إلى كاميرا الحقيقة

وُلد جان شمعون في بلدة الجنوب اللبناني الدامور عام 1944، ودرس السينما في جامعة باريس الثامنة في فرنسا في أواخر الستينيات، حيث تأثر بالتيارات اليسارية وبالسينما السياسية الأوروبية. ومع عودته إلى بيروت، حمل معه إيمانًا عميقًا بدور الفيلم كأداة للتعبير عن الناس العاديين، وعن النضال ضد الظلم والاحتلال.

منذ بداياته، انشغل شمعون بالسؤال الإنساني والسياسي في لبنان والعالم العربي، واختار أن يجعل الكاميرا سلاحًا في وجه الحرب والنسيان.



شراكة الحياة والسينما مع جوسلين صعب ومي المصري

تشكّل مرحلة لقائه بالمخرجة الفلسطينية مي المصري نقطة تحوّل حاسمة في مسيرته. تزوجا وشكّلا ثنائيًا فريدًا في السينما العربية، جمع بين الحسّ الإنساني والرؤية الفنية. معًا، صوّرا أفلامًا أصبحت اليوم من كلاسيكيات الوثائقي العربي، أبرزها:
• 🎞️ تلاتون عامًا (Thirty Years) – 1980
فيلم عن ذاكرة الحرب الأهلية اللبنانية وتحوّل بيروت إلى ساحة صراع.
• 🎞️ أطفال شاتيلا (Children of Shatila) – 1998
يوثّق حياة الأطفال الفلسطينيين في مخيم شاتيلا بعد سنوات من المجزرة، بعيونهم هم، ومن داخل تفاصيلهم اليومية.
• 🎞️ أنشودة الأمل (War Generation) – 1989
محاولة لفهم معنى الصمود والحب في ظل الحرب.

كانت أفلامهما صوتًا للناس الذين لم يُسمع صوتهم في نشرات الأخبار. لم تكن الكاميرا تراقبهم من بعيد، بل تعيش معهم، في الشوارع والملاجئ والمخيمات.



بين السينما والسياسة

تميّز جان شمعون بأسلوبه الذي يمزج بين الوثائقي والسياسي والشعري، بين السيرة الجماعية والحميمية الفردية. لم يقدّم فقط صور الحرب، بل قدّم أيضًا مقاومة الصورة للحرب.
كان يرى أن مهمة السينمائي ليست أن يروي فقط، بل أن يشارك، وأن يسائل التاريخ والذاكرة.

أعماله كانت دائمًا منحازة للإنسان، للمظلوم، ولحق الشعوب في الحياة. وقد ساهمت أفلامه في بناء الوعي الجمعي حول المأساة الفلسطينية واللبنانية في الثمانينيات والتسعينيات.



الجوائز والتكريمات

شارك جان شمعون في عشرات المهرجانات الدولية، من كان إلى برلين وإدفا وسان فرانسيسكو، وحاز جوائز تقدير عن أفلامه التي وثّقت لحظات مفصلية من التاريخ العربي.
كما كرّمه مهرجان دبي السينمائي الدولي والجامعة الأنطونية في لبنان بعد رحيله تقديرًا لإرثه الكبير في تطوير الفيلم الوثائقي في العالم العربي.



إرثه الإنساني والفني

توفي جان شمعون عام 2017، تاركًا وراءه ذاكرة بصرية نادرة لبلدٍ مزّقته الحرب لكنه لم يفقد الأمل.
اليوم، يُعتبر أحد روّاد السينما الوثائقية العربية، إلى جانب أسماء مثل جوسلين صعب وهالة لطفي ومي المصري.

ترك شمعون درسًا أساسيًا في الإخلاص للفكرة، والالتزام بالإنسان، والإيمان بأن السينما يمكن أن تكون بيتًا للعدالة والذاكرة والحنين.


bottom of page