تحقيق الجزيرة الوثائقي يكشف خيوطًا جديدة في قضية هند رجّاب

أحدث الفيلم الاستقصائي الجديد الذي بثّته شبكة الجزيرة في 21 أكتوبر موجة واسعة من التفاعل والجدل، بعد أن كشف عن أدلة وشهادات جديدة تتعلق بمقتل هند رجّاب، الطفلة الغزّية التي هزّت قصتها الرأي العام العالمي في فبراير الماضي، عندما قُتلت مع عائلتها وفريق الإنقاذ الذي حاول الوصول إليهم.
من الواقعة إلى الوثائقي
تعود الحادثة إلى فبراير 2024، حين علقت الطفلة هند (6 سنوات) داخل سيارة شمال مدينة غزة، بعد أن قُتل أفراد أسرتها بنيران الاحتلال الإسرائيلي. ظلّت الطفلة تصرخ طلبًا للمساعدة عبر الهاتف لعدة ساعات، إلى أن انقطع الاتصال فجأة، ثم عُثر عليها لاحقًا جثةً هامدة إلى جانب طاقم الإسعاف الذي حاول إنقاذها.
الفيلم الجديد، الذي حمل عنوان «نداء هند»، أعاد فتح الملف عبر عمل استقصائي دقيق، مستندًا إلى:
تسجيلات صوتية لمكالمات هند مع فرق الإسعاف.
تحليل زمني ومكاني للهجوم عبر صور الأقمار الصناعية.
شهادات شهود العيان ومسعفين ناجين من الحادثة.
السرد الوثائقي كأداة للمساءلة
يمزج الفيلم بين التحقيق الميداني واللغة السينمائية الوثائقية التي تحافظ على البعد الإنساني للقصة دون المساس بالدقة الصحفية. استخدم المخرج لقطات أرشيفية ومقاطع من اتصالات الطوارئ لتقديم تجربة مشاهدة مشحونة بالعاطفة، وفي الوقت ذاته مشبعة بالتحليل.
ويرى النقاد أن العمل يمثل نقطة تحول في توثيق الجرائم عبر السرد الوثائقي، حيث تجاوز الشكل التقليدي للتقارير الإخبارية إلى بناء فيلم يحمل بعدًا إنسانيًا وسياسيًا في آنٍ واحد.
تفاعل عالمي ونقاش مهني
منذ بثّه، تصدّر الفيلم النقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي، وشارك صحفيون ومنظمات حقوقية في تداول مقتطفات منه، معتبرين أنه "وثيقة بصرية لا غنى عنها في مسار العدالة الدولية".
كما سلط الضوء على دور الصحافة الوثائقية في جمع الأدلة البصرية والسمعية، خاصة في سياقات الحروب حيث يصعب الوصول الميداني المستمر.
ووفق بيان صادر عن وحدة التحقيقات في الجزيرة، فإن الفريق البحثي ما زال يواصل جمع المواد وتحليلها بالتعاون مع خبراء مستقلين في الطب الشرعي الرقمي، تمهيدًا لتقديم الملف الكامل إلى جهات قانونية دولية.
بين الحقيقة والذاكرة
لا يكتفي «نداء هند» بإعادة سرد المأساة، بل يسائل الذاكرة الجمعية وكيف يمكن للوثائقي أن يحمي الشهادات من النسيان.
وفي ختامه، يُعيد المخرج بثّ نداء هند الأخير، في لحظة مؤثرة تُذكّر بأن الصورة والصوت يمكن أن يصبحا أقوى من الرصاص.
الخلاصة:
يؤكد هذا الفيلم أن الوثائقي العربي الاستقصائي بات فاعلًا حقيقيًا في فضاء العدالة والذاكرة، وأن السرد البصري قادر على أن يحمل الحقيقة إلى المنصات الدولية، لا بصفته مادة إعلامية فحسب، بل كوثيقة إنسانية لا تموت.
